11# 6.9.16 — إبدأ بسرعة

11# 6.9.16 — إبدأ بسرعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العرش العظيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم.

من الأمور التي يمكن أن تلاحظها في نشاطك اليومي أن طبيعة يومك ونشاطك فيه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما تفعله في بداية النهار. إذا كنت نشيطاً في بداية اليوم فسيكون يومك كله على هذا النحو. وإذا ما بدأت يومك بشيء من الكسل والتذمر فستمضي بقية يومك على هذا الشكل!.

وما وجدته من تجربتي مع نفسي هي أنني كلما تأخرت في العمل صباحاً كلما دخلت في حلقة مفرغة من الكسل الذي يكون بسيطاً في بداية اليوم ولكنه يتضخم بشكل أسي بمجرد أن أجلس دون عمل لفترة قصيرة.

ذكرني هذا بكلام جميل للشيخ الطنطاوي يتحدث فيه عن عادة اكتسبها بسبب تأخره في الاستيقاظ لصلاة الفجر لمرة واحد فصار يتأخر في كل مرة. إذا أن أباه أيقظه وقال له “قم” للصلاة، فجلس هو بينه وبين نفسه يقول سأقوم بعد قليل، سأقوم بعد قليل، سأقوم بعد قليل.. فصار في كل مرة يريد فيها أن يقوم يكرر ذلك مرات ومرات حتى يستطيع القيام للصلاة. فكان يقول في كتابه (المذكرات على ما أعتقد) بأنه لو قام مباشرة لما ترك مجالاً لنفسه أو للشيطان بأن يدخل هذا الصراع في كل مرة يريد فيها أن يقوم لصلاة الفجر مكرراً نفسه كلمة قم، قم، قم..

الأمر بالنسبة لنا مشابه تماماً. فلو أن أحدنا بدأ يومه بالعمل دون أن يترك لنفسه فرصة التأخير والتأجيل لأمضى بقية يومه يعمل وينتج ويستفيد من وقته. ولكن بمجرد أن تبدأ سلسلة قم وسأقوم فإنك ستقضي نصف يومك في الاستعداد للعمل!.

والعادة يمكن أن تكون شيئاً مفيداً في هذا السياق. الجميل في العادة هي أن ما تعتاد عليه يصبح القيام به أمراً سهلاً ولا يتطلب منك جهداً أو استعداداً نفسياً!. مثال ذلك صلاة الفجر والعشاء جماعة في المسجد. شخصياً كنت أصلي العشاء في المنزل وأذهب للصلاة في المسجد بين الفينة والفينة – لأكون صادقاً. وكانت معظم صلواتي في المنزل. وكان أمر الذهاب يومياً للمسجد لصلاة العشاء جماعة أمر شاقاً نوعاً ما. الخدعة التي قمت بها هنا هي استخدام العادة – فأنا أعرف أني إذا ما اعتدت على أمر ما فسيصبح سهلاً ولا يشق على النفس. لذلك حاولت أن أعود نفسي على الذهاب للمسجد لصلاة العشاء جماعة. ولا يتطلب الأمر منك سوى أن تواظب على الأمر فترة زمنية معقولة – حوالي الأسبوعين لثلاثة في حالتي. بعدها بفترة بسيطة صار الأمر عادة، وصارت الصلاة في المنزل أمراً ليس مقبولاً من الناحية النفسية بالنسبة لي.

وأذكر أن ما شجعني على ذلك هو منام رأيت فيه نفسي أصلي العشاء جماعة وأحدث نفسي عن فوائد الصلاة في المسجد فقررت أن أعيد تعويد نفسي على هذا الأمر.

There is nothing more beautiful like a sound from within, tells you what to do and when.

قد تقول لي هذه عبادة وأنت حولتها لعادة – لا حقيقة أنا حولت أمر الذهاب للمسجد لعادة أما الصلاة فلا شأن لها بالأمر. أي أنني عودت نفسي الخروج من المنزل في هذا الوقت وليس للصلاة علاقة بالموضوع. بعدها يصير الأمر سهلاً هيناً على النفس لا بل إن النفس لتحضك على القيام بما اعتادت عليه لأن النفس عادة تكره أن تتوقف عن عادة اعتادت عليها – مهما كانت تلك العادة.

لذلك يومك منذ البداية يجب أن تملأه بشيء من النشاط والعمل – وحاول أن تعود نفسك على الأمور التي تريدها ولكنها تشق عليك. في البداية سيكون الأمر صعياً قليلاً ولكن بمجرد أن يتحول لعادة فسيصير سهلاً بل ويصبح من متطلبات النفس ذاتها.

وتذكر أن تبدأ بسرعة دون أي تأخير!.