بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العرش العظيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم.

عندما نتحدث عن العادة فإن أو ما يتبادر للذهن هو مفهوم السهولة، سهولة الأمر الذي اعتدنا عليه. وعندما تخصص الأمر الذي اعتدت عليه فإن ذلك هو ما يحدد قيمة تلك العادة في حياتك، فحديثك عن اعتيادك على الاستيقاظ باكراً هو أمر إيجابي ويؤخذ في هذا السياق. أما عند الحديث عن عادة شرب الدخان مثلاً، أو اعتياد الاستيقاظ المتأخر فهذا السياق سلبي غالباً. إذاً وجود العادة بخد ذاته لا يحدد قيمة الأمر في حياتك، ولكن الأمر المشترك في كلا السياقين هو السهولة. فأنت تقوم بما اعتدت عليه بسهولة ودون أي مشقة – لأنك اعتدت عليه ببساطة!.

في سياق الدين والعبادات، يجري الحديث عن العادة عموماً في السياق السلبي. إذ لا ينفك الدعاة في تحذيرهم من تحول العبادات إلى عادات!. وكل ما تقرؤه عن العادة في سياق العبادات يؤخذ في السياق السلبي!. ولكني أرى الأمر من زاوية أخرى تماماً.

شخصياً أعتقد أن العادة والتعود هي أفضل سلاح تمتلكه إن كنت تفكر من رفع سوية عباداتك. ما أقصده برفع السوية هو الاجتهاد ومحاولة تقديم عبادات جديدة في حياتك، وليس مجرد أداء الفروض.

تنطوي فائدة العادة على السهولة، وهي لا تأتي إلا بعد فترة زمنية كافية لك لتعتاد على الأمر. والسهولة هنا تعني أن يزول من نفسك ثقل الفعل ويصبح الفعل بالنسبة لك تلقائياً لا يأخذ منك وقتاً للتفكير في جدواه وما إلى ذلك من أمور نفكر فيها عندما نهب بأمر جديد لم نقم به من قبل. الضريبة الي يجب أن تدفعها لتصل لمرحلة التعود هي فقط إجبار نفسك على القيام بالفعل فترة كافية حتى يتحول لعادة. بعد أن يتحول الفعل لعادة يزول ثقله على النفس ويصبح جزءاً منك – وهنا الفائدة!. إذ بعد أن يزول ثقل الفعل عن نفسك تستيطع التفكير في تحسينه وتطويره بحيث تصل به إلى المستوى المطلوب. فمثلاً لا يمكننا الحديث عن الوصول للخشوع في صلاة العشاء في المسجد جماعة قبل أن نعتاد على الصلاة في المسجد أساساً!. وهنا الفائدة كما أراها.

فباستخدام العادة تستطيع أولاً كسر الحاجز النفسي بينك وبين العبادات التي ترغب برفع رصيدك بها، كصوم بعض الأيام من كل شهر، صلاة الفجر والعشاء في جماعة، صلاة الفروض كلها في جماعة، قيام الليل… كل تلك العبادات هي عبادات نتمنى المواظبة عليها، لكنها تصنف على أنها عبادات ثقيلة على النفس عموماً وعندما تفكر فيها ربما تقوم بها مرة أو مرتين ولكن ثقلها على النفس يقودك غالباً للتوقف عن القيام بها بعد فترة قصيرة.

وهنا يمكنك استخدام سلاح العادة – فبمجرد أن تجبر نفسك (وتصبر عليها) لفترة بسيطة يصبح الأمر (مهما كان سواء عبادة أو أي شيء آخر) يصبح سهلاً على النفس، وهنا يمكنك أن تلتفت لتحسين هذا الأمر بعد أن سقط ثقله على نفسك.

الفترة لن تتجاوزالشهر بحال من الأحوال، فعندما بدأت أحاول المواظبة على صلاة العشاء في جماعة، كان الذهاب للمسجد كل يوم عشاءً أمراً ليس سهلاً على النفس، وفيه شيء من المشقة. لكن بعد شهر ونيف صار الأمر عادة، وسقط ثقله من على النفس، بل وصار جزءاً من عاداتها التي تحس بالغربة إن لم تفعله – وهذه هي فائدة العادة. فبعد أن تعتاد على الأمر يصبح عدم قيامك به هو الثقل على النفس وليس العكس!. وهنا الفائدة تماماً. بعد أن تعتاد الأمر تستطيع التركيز على تحسينه والقيام به على أكمل وجه. لكن حاول أولاً أن تعتاد عليه!.

بهذه الطريقة تستطيع أن تقوم بأي أمر تحبه ولكنك ترى فيه ثقلاً على نفسك.

فكرة واحدة على ”3E# 5.2.17 — بين العادة والعبادة

أضف تعليق